السياسة من صنع المجتمع

السياسة كالمحيط، من لا يجيد السباحة يغرق في المحيط ويهلك. على المجتمع الكردي أن يكون حذرًا للغاية في السياسة. وكما هو معلوم، لطالما خسر المجتمع الكردي في السياسة منذ فجر التاريخ. لذلك، عليه أن يكون حذرًا للغاية. لقد اهتم القائد آبو بالسياسة منذ بداية الثورة، وكثيرًا ما قال إن السياسة من صنع المجتمع، وسعى إلى تعميق علاقاته بأصدقائه وأتباعه في هذا الصدد داخل حركة الحرية.

اتخذ القائد آبو السياسة فنًا، ودرسها وحقق فيها النجاح دائمًا. عندما ننظر إلى نضال القائد آبو على مدى 52 عامًا، نرى أنه مارس السياسة بأساليب ماهرة للغاية، وناضل من أجلها بإخلاص، وحصر نفسه في النجاح. وهذه حقيقة لا يجدها أهل العلم بالضرورة غرقًا في بحر السياسة. يمكن للمرء أن يعتبر القائد آبو أول سياسي كردي معاصر. لكن للأسف، سياسيًا، ظلّ الأكراد ضعفاء، ولم يعيشوا حياةً كريمةً، فهربوا من الواقع. ونتيجةً لذلك، ضاعوا في غياهب التاريخ، وسقطوا في حالةٍ من الإنكار والمجازر. في مثل هذا الوضع، وصل الشعب الكردي نفسه إلى حدٍّ لم يعد فيه قادرًا على تجاوز ذاته. كما يئسوا من العيش كأمةٍ واحدةٍ وموحدة، يتحررون بالثورة، ويرفعون رؤوسهم بين شعوب العالم. على الرغم من هذا الوضع الخطير والضائع، نهض القائد عبد الله أوجلان ضدّ الوضع الراهن، وبدأ الثورة بمجموعةٍ صغيرة.

خرج القائد عبد الله أوجلان من ذلك المجتمع كأمهر قائدٍ وسياسيٍّ ناجح، بعيدًا عن السياسة. درست القيادة مجتمعها جيدًا، وخلصت إلى ضرورة إحداث ثورةٍ فكريةٍ وسياسيةٍ لإخراج مجتمعها من الوضع الراهن. ولهذا، وصلت أولًا إلى منصب القائد.

على الرغم من أن حزب العمال الكردستاني بدأ الكفاح المسلح، إلا أن أهدافه الرئيسية كانت سياسيةً وثقافية. اتُّخذ قرار شنّ الحرب المسلحة نتيجةً للإنكار والإبادة الجماعية. يومًا بعد يوم، نظّمت وحدات الكريلا صفوفها وأصبحت جيشًا قويًا. لطالما ردّد القائد آبو في خطابه: “الأهداف سياسية وأخلاقية. نحن نطالب بهويتنا وحقوقنا الوطنية”. أعلن وقف إطلاق النار مرارًا وتكرارًا ودعا إلى الحوار. لكن في كل مرة، تجاهلت الدولة التركية جهود القائد.

بعد نضالٍ عظيمٍ خاضه القائد ومقاتلو الحرية والشعب الكردي، اضطرت الدولة التركية إلى مطالبة القائد آبو بوقف الحرب وفتح باب الحوار. بمعنى آخر، تبنّت الدولة التركية فكرة القائد آبو، لأن فكرة القائد هي الأصح والأكثر فعالية. جميعنا مدينون للقائد آبو، وعلينا أن نفي بديننا. القائد آبو يُناضل من أجل البشرية جمعاء