أهديت نور عينيَّ حِمىً للثورة ولرفاقي هذا ليس بالكثير
أردال أمانوس
انحدرت من عائلة وطنية، من كنت صغيراً كنت متعلقاً بحركة الحرية، إذ ان الرفاق قبل اندلاع الثورة كانوا يأتوا الى منزلنا من حينٍ الى آخر. بعد ان اندلعت الثورة وقطع المرتزقة الطريق الذي يصل كوباني بمنطقة الجزيرة انضممت الى رفاقي في وحدات حماية الشعب في عام 2013. تدربت وتم فرزي الى الجبهة الشرقية أي جبهة الشهيد دلوفان، مكثت في أحد النقاط لمدة ستة أشهر، تعرفت في تلك الفترة بالعديد من الرفاق وتعلقت بهم وبالقائد أوجلان وبفكره، حاربنا وقاتلنا وعشنا الحلوة والمرة سوية، كل عمل كنا نقوم به كنا شركاء فيه. عند اندلاع المعارك في قرية عبدكو ذهبنا على شكل تقوية للقوات المتواجدة هناك، استشهد في تلك المعركة الرفيق رزكار عفرين، قبيل استشهاد الرفيق رزكار بلحظات كان يتمتم باسمي، تلك اللحظات تركت في نفسي بصمة لن تُمحى ما حييت ذلك الموقف جعلني أزداد ارتباطاً بالرفاق وبسلاحي. في تلك القرية اصبت لأول مرة، أرسلني الرفاق بعدها الى المشفى من ثم الى دار الجرحى اذ مكثت قرابة الشهر، بعدها سمعت نبأ استشهاد الرفيق هركول، غضبت حينها وازدادت المشاعر التي تدفعني الى الانتقام عدت حينها الى الجبهة التي كنت فيها بالرغم من ان جراحي لم تلتئم بعد مما اضطرني الى ان اصطحب أدويتي معي الى الجبهة، رأى الرفاق الحال التي انا فيها لم يسمحوا لي بالالتحاق بالخنادق بل منحوا لي مهمة قيادة عربة عسكرية تابعة لوحدتنا. مر شهر على بدأ مهمتي بعدها بدأ ذلك الهجوم الموسع الذي شنته مرتزقة داعش على كوباني، ذلك الهجوم الذي بدأ على الجبهات الثلاث سويةً مصطحبين معهم كل ما استطاعوا ان يجلبوه من عدة وعتادٍ وأسلحة ثقيلة من الدبابات إلى المدافع مروراً بالعربات المدرعة التي قد اغتنمها المرتزقة من اللواء التابع لجيش النظام البعثي في الرقة ومن مدينة الموصل التي تركها الجنود العراقيون في غضون ساعات قليلة. كل تلك القوة وكل ذلك الحقد والإرهاب لم يثنينا عن الدفاع عن أهلنا وأرضنا وعرضنا لكن قلة الامكانات المتوفرة لدينا وضخامة الهجمة أجبرتنا على التراجع عن القرى الواحدة تلوى الأخرى بقصد حماية الأهالي وتخفيف الأضرار عن قواتنا كتكتيك حربي. بما أني كنت سائق عربة عسكرية كنت أقوم بنقل الرفاق من جبهة الى جبهة ومن نقطةٍ الى نقطة مما جعل المرتزقة يستهدفوننا باستمرار، لكن ذلك لم يثبط من عزيمتنا أبداً وكنا مستعدين للتضحية بأرواحنا وبأغلى ما نملك كي لا يصاب أحد من رفاقنا بأي مكروه.
في الخامس من (تشرين الأول) أكتوبر من عام 2014 أعلنت الرفيقة آرين ميركان عن نهاية ذلك التكتيك من خلال عمليتها الفدائية التي استهدفت تجمع للمرتزقة المهاجمين على تلة مشتةنور، ذلك اليوم سمعت بأن العديد من الرفاق أصيبوا ذهبت إليهم محاولاً انقاذهم حينها أصبت بطلقةٍ أصابت أعلى وجهي من الطرف الأيمن وخرجت من الطرف الآخر لوجهي قاطعةً العصبين البصريين لدي مما أفقدني القدرة على البصر. نقلني الرفاق على إثر تلك الإصابة الى المشفى الميداني الوحيد في المدينة من ثم الى شمال كردستان لتلقي العلاج. بعد عدة مدة من الزمن علم أني فقدت البصر الى الأبد، حينها قلت في قرارة نفسي أهديت نور عينيَّ حِمىً للثورة ولرفاقي هذا ليس بالكثير.
مرت الأيام متتاليةً بعدها أقترح الرفاق لي أذهب لتلقي التدريب في أكاديمية الشهيد رزكار وان، بالفعل ذهبت وتعلمت الكثير، أكثر ما لفت انتباهي هناك قول القائد أوجلان بأن المرتبة العليا بعد الشهداء هي للمصابين في الحرب بل وصفهم أيضاً بالشهداء الأحياء. منذ ذلك الوقت وانا أبذل قصار جهدي لأكون مخلصاً للقائد ولعبارته تلك.
إن ما حصل من تضحيات كان كي لا تمر كوباني بالمأساة التي مرت بها شنكال وأهلها، حيث قامت قوات البيشمركة بسحب قواتها مهزومةً قبل أن يصل المرتزقة إليهم حتى. وتركوا أهلها لقمةً سائغة لإرهاب ذلك التنظيم. لم تذهب تضحية الشهداء والرفاق الذين ضحوا بدمائهم وأجزاء من جسدهم سُدىً بل ليحيى شعبنا آمناً مطمئناً في وطنهم. أقول بأني أضحي بروحي ونور عينيَّ، تلك التضحية لن تذهب هدراً بل أهنئ رفاقي وشعبي على إهدائي لهم نور عيني. نهايةً أقول فلتحيا الأمة الديمقراطية وليعيش الشعب.