
نبيل ملحم: المجتمع الكردي تحرر من العبودية والبرجوازية ومن تاريخ الدولة أيضا ..هذا المجتمع الذي تحرر من تلك الأنظمة والمراحل، خضع لسيطرة الصراع، والصراع يتطلب وعبر تاريخه الخيال. والخيال يبحث عن الأسطورة وستأخذ الأسطورة شكل الأدب، ما رأيك لو انتقلنا للحديث عن الأدب الكردي؟
ع أوجلان: إذا خاض شعب كل هذه الحروب دون أن يكتسب خصائص الشعوب الأخرى أو يمر بالمراحل التي مرت بها الشعوب الأخرى … لن يستطيع العيش إلا بالخيال ، وهنا توجد نقطة حساسة إنه شعب ليس حرا ولكنه يعتبر نفسه حرا وهذا خيال.
نبيل ملحم: لماذا هو كذلك ؟
ع أوجلان: بالحقيقة مثلما ذكرت إن الشعب الكردي لم يتكيف مع أية مرحلة، وهو فوق ذلك شعب الخيال فهناك وجود للحرية الطبيعة إلا أنه ومع تلك الحرية يعاني من السيطرة فقد حارب دائما ولم ينتصر لذلك هو عبد إلا أنه لا يعلم بعبوديته… أنه لا يدرك حجم التناقضات المحيطة به طبعا نحن نحاول إيقاظه على حقائقه، لنجعل من حريته المزيفة، حرية حقيقية وهذا يبدأ تماما بالخيال.
فحياتي إذا لم أقل أي شئ آخر، هي عبارة عن خيال كبيرة وأذ قلت بأن (آبو) هو الخيالي الأكبر فهذا صحيح أيضا… أصلا أنا لا أمثل حقيقة الحياة، إنما أمثل خيال الحياة و روايتها لذلك لا أقرأ الكثير من الروايات لأن حياتي هي رواية.
نبيل ملحم: لماذا لم تكتبها؟
ع أوجلان: ها أنت بصدد كتابتها .. أن العنفوان والهيجان والمخاطر والصراع والحب الذي أنا فيه .. هذه أشياء لا توجد في أي شخص آخر.. في السابق كنت أحب المطالعة والقراءة والآن أجد الحياة تغني عن ذلك لقد قلت شيئا آخر .. لقد قلت أن ما قمت به على صعيد PKK، هو رؤية ليس على صعيد تركيا وإنما وصلت إلى أوربا أيضا .. رواية ليست في بطون الكتب وإنما في ملف الحياة .. فهناك الملايين الذين أحتل كل واحد منهم سطرا في هذه الرواية وهذا صحيح أيضا .. لقد حولنا الحياة إلى رواية وهذا شئ عجيب .. الحياة الساقطة البراغمائية حولناها إلى حياة روائية .. لذلك فالجميع ينتشون فيها، ولم يكن ذلك لما استطعت ممارسة القيادة، لذلك فأنا أعتبر نضالي وهو أساسا للأدب أيضا …
لا يوجد شخص بيننا دون علاقات خيالية .. ليس في أية علاقة من علاقاتنا شئ من الحقيقة فكل علاقاتنا خيال .. أن الحقيقة بالنسبة لنا تمثل السقوط، فلماذا نسقط في الحقيقة؟! أن سقوط الحقيقة وقسوتها يدفع الكردي للخيال والأكراد كانوا شعبا دوما، لقد فتحنا بوابة الخيال أمام ما قمنا به .. ليس الخيال الفردي بل الخيال العام .. الخيال الجماعي .. هنا ناضلت لخلق الخيال الجمعي، و أوجدت خيالا عاما، ليصبح هذا الخيال هو الخيال الفردي لكل شخص .. ذلك الإنسان المنهار، بات يرى نفسه في هذا الخيال الكبير ويعتبر نفسه جزءا من ساحة الخيال الجمعي، فالخيالات والأفكار الصغيرة السابقة ذهبت جميعها .. لقد ذهب الحب الصغير ليأتي بدلا عنه الحب والعشق الكبير .. اندثرت العلاقات القديمة كعلاقة الخلان والعلاقات العائلية والعشائرية، واستبدلت بعلاقات حية غير قابلة للموت .. وهذا هو الأدب الكبير، والفن الكبير .. بل اكثر من ذلك هو الأغنية واللحن ..
وليس هنالك فارق ما بين الأغنية والأسلوب الذي أتبعه في نضالي، دائما أقول أنه من دون أغنية لا يمكن مواصلة هذا النضال وهذه الحرب .
المصدر :قائد وشعب (سبعة أيام مع آبو ) نبيل ملحم . 1996



