
ان السجن كمؤسسة قمعية الأكثر وحشية ” ،قديمة وبدأت مع ظهور ظاهرة الدولة ومعها مؤسسة الجيش والسلطة . لقد تم بناء السجون بهدف ترويض وتربية الانسان حسب رغبات واهداف القوى الحاكمة . ولكن نوعية عملية الترويضِ والتربية في السجن مختلف من حيث التفاصيل والعمق من ما هو مألوف وموجود خارج السجن أي ضمن المجتمع .دون شك تقوم الدولة بترويض المجتمع كله من خلال تصفية إرادته بهدف الوصول الى هدفها ورغبتها في السيطرة الكاملة على المجتمع بأكمله ومن كل النواحي .وما هو حاثل في السجن هو امتداد لهذه السياسة،ولكن الاجراءات العملية غي السجن مميزة وعميقة ومنظمة الى حدودها القصوى .الدولة كألة للقمع تفرص نفسها بشكل عاري ودقيق وعلى جميع الاصعدة في السجن .
الصراع والمعركة في داخل السجن يتمحور حول الارادة والروح والاحاسيس والعواطف. فالسجين صدره عاري واعزل لايملك أي سلاح ،لذى فهو مجبر على رفع معنوياته وتقوية ارادته ومحاربة النظام الحاكم في روحه وعواطفه واحاسيس هوعالمه الداخلي بكل معنى الكلمة .لان النظام يستعمل ابسط الحاجات الضرورية للانسان كسلاح فتاك للنيل من ارادة السجين. اليجارة ،جرعو الماء ،قطعة الخبز ،القلم ،الورق،…والى آخره من الامور يتم استعمالها من جانب ادارة السجن للنيل من كرامة الانسان وشخصيته وهويته.إذاً علينا أن نسأل السؤال التالي : ما هو الهدف الاساسي من بناء السجون ومراكز التعذيب من قبل النظام العالمي الحاكم ؟
قبل كل شيء هو اجبار السجين على قبول نمط الحياة المفروضة من قبل الدولة وقوانينها . ومن خلال ذلك اعطاء شخصية منسجمة مع اهداف الدولة ومخططاتها للسجين. للوصول الى نقطة ينكر فيها السجين هويته وانتمائه السياسي والثقافي والاجتماعي .حتى يندم السجين على ولادته ضمن عائلته ومجتمعه ووطنه .كل ذلك مرتبط بكسر ارادة الانسان وجعله مخلوقا مشلول الارادة والعقل والعواطف والروح .
هناك سجون مشهورة في التاريخ ولكن هناك قصة شبه اسطورية بصدد ظهور هذه الظاهرة مفادها ان الطاغية نمرود كان يملك كلبا ولكن هذا الكلب كان يتصرف دون رغبة الطاغية ولم يفلح الطاغية نمرود في ترويض وتربية كلبه هذا رغم كل المحاولات ، لذا وضع الكلب في غرفة واغلق الباب عليه وبعد فترة وجيزة فتح الباب على الكلب وراقب تصرفاته فرأى تغييرا في تصرفاته على نحو ما كان يهدف اليه . لذا قرر الطاغية نمرود ترويض وتربية كل المعارضين له على هذا الاساس. دون شك هذه الحكاية لها مغزى عميق لانها تشير الى عملية ترويض وتربية الانسان حسب رغبات الطغاة عن طريق الاعتقال والسجن .ولكن الطغاة نسوا نقطة هامة خاصة بالانسان ألا وهي الارادة. فالتاريخ يشهد على اكثر من عشرات الامثلة بان ارادة الانسان تمكنت من الانتصار على الاعتقال والتعذيب. مثلا انتصر ماني بارادته الانسانية على كسروات الساسانيين في السجون وكما انتصر ابو حلاج المنصور بنفس الارادة على الخليفة العباسي في سجون بغداد وأسطع مثال في عصرنا الحديث هو انتصار ارادة الانسان في سجن دياربكر ضد آلة الدولة الفاشية وتحول هذه الارادة الى رمز لانتصار ارادة المجتمع الكردستاني في شخصية مظلوم دوغان وفرهاد قورتاي وكمال بير وخيري دورميش ورفاقهم الاخرين.
في هذه الايام تشهد سجن عدرا المركزي مقاومة كبيرة من قبل معتقلي حزب الأتحاد الديمقراطي في سوريا .هذه المقاومة تستند على ميراث مقاومة سجن آمد(دياربكر)وميراث الحرية للمنا ضلين من أجل الحرية والعدالة والمساواة.ان هذه المقاومة سوف تثبت مرة” أخرى انتصار ارادة الانسان الحر على الطغاة والنماردة العصريين ان هذا الاضراب جاء بعد حملات القمع والتخويف والتجويع ضد المجتمع السوري بشكل عام والمجتمع الكردي بشكل خاص.لذا فانها تمثل ارادة جميع مكونات الشعب السوري ضد سياسة النظام المعادية لأبسط الحقوق الانسانية. كل القوى الديمقراطية في غربي كردستان وسوريا مكلفة بدعم هذه المقاومة البطولية بكل الوسائل الممكنة والمتاحة . .
17-11-2009