أخبارتصريحاتمقالات

تقييمات القائد عبد الله أوجلان عن المؤامرة الدولية

المعادلة التي كانت سائدة في الفترة التي أدت إلى خروجي من سوريا

تقييمات القائد عبد الله أوجلان عن المؤامرة الدولية المعادلة التي كانت سائدة في الفترة التي أدت إلى خروجي من سوريا، أكثر لفتا للأنظار فالمفهوم الذي اخرجني من سوريا، يرتكز في مضمونه مجددا إلى تضارب الأهمية الفائقة التي أعربها دوما لعلاقات الصداقة مع سياسة إسرائيل تجاه الكرد. فإسرائيل التي عولت على ربوبيتها وزعامتها للقضية الكردية، وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية، كانت قد أضحت بالغة الحساسية تجاهها، لدرجة لن تحتمل معها طرازا ثانيا من الحل فيما يتعلق بالقضية الكردية التي بدأ وقع صداها يتسع طرديا متمثلا في شخصي. ذلك أن طرازي في الحل لم يكن يتناسب وحساباتهم اطلاقا. علي ألا أنكر دور الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) التي دعتني بشكل غير مباشر إلى طريقتها في الحل. ولكني لم أكن مستعدا أو منفتحا لذلك، أخلاقيا كان أم سياسيا. لم ترغب الإدارة السورية العربية بتاتا تجاوز شكل العلاقات التي يغلب عليها الطابع التكتيكي مع قيادة PKK ، علما أن رئاسة حافظ الأسد تحققت اعتمادا على صراع الهيمنة بين كل من الولايات المتحدة الامريكية و الاتحاد السوفيتي. هذا ولم يكن (حافظ الأسد) قادرا على الحفاظ على أيه علاقة تكتيكية، في ظل الأجواء الحرجة البارزة إلى الوسط مع انهيار الاتحاد السوفيتي. فعندما كان تحقيق التوازن مع تركيا من خلالي أنا (عبر PKK)، كان يبحث بأحد المعاني عن رد على التهديدات التي تلوح بها الجمهورية التركية ضد سوريا منذ عام 1958 من جهة وعلى انحيازها المتطرف لإسرائيل من جهة ثانية، وباعتبار أن PKK أداة مناسبة في هذا الشأن، فقد أفسح بذلك المجال أمام أمكانية إقامة علاقة تكتيكية معه على المدى الطويل. حيث لم يكن يراد لهذه العلاقة أن تبدو وكأنها تمهد الطريق لسياسة كردية ثانية. وبذلك لم تتمكن مساعي الحكام الاتراك من التأثير في هذا السياق. هذا التذكير الموجز وحده كاف للإشارة إلى أن إسرائيل هي القوة الأساسية التي اخرجتني من سوريا، ولا ريب أن التهديدات السياسية الامريكية والضغوط العسكرية التركية أيضا لعبت دورها في ذلك. علينا ألا ننسى أن إسرائيل كانت ضمن معاهدات سرية مع تركيا منذ أعوام الخمسينيات. وللمرة الثانية، كان التحالف المناهض لـPKK يكتمل بين الولايات المتحدة و إسرائيل والجهورية التركية. من خلال التوقيع عام 1996 على معاهدة ملحقة تحت مسمى “مكافحة الإرهاب”. العامل الآخر المهم الذي يجب اضافته إلى هذه المرحلة، هو اتفاق الجمهورية التركية مع إدارة PDK وYNK على أساس مناهضة PKK وبمعنى آخر، اتفاقها مع المجلس الكردي الفيدرالي المتكون عام 1992، ومع إدارته التي هي على علاقة مع كل من تركيا وإسرائيل. لا شك أن حكومات الجمهورية التركية وقواتها المسلحة كانت تتحرك بمفهوم تكتيكي في ظروف تلك الأيام. ولكن للتاريخ سيرة الخاص. فوجهات النظر المتغايرة جدا تتم عن تطورات مهمة. ويعود هذا الخطأ التاريخي، الذي طالما اغتاظت منه تركيا في راهننا، إلى وعيها الضيق والسطحي والاناني وأحادي الجانب. هكذا تحقق خروجي من سوريا عام 1998، باتحاد مجموع هذه العوامل على حسابها. اقولها صراحة: إنني كنت منتبها لضرورة خروجي من سوريا. وقد مررت بمرحلة زائدة من الانتظار في هذا الساحة. إلا أن جانبية النهج السياسي المتنامي لأجل كردستان، والصداقة التي طالما سعيت للرقي بها إلى المستوى الاستراتيجي، كانتا وكأنهما تأسراني. علي الاعتراف بالحقيقة التي تشير إلى أن الإدارة السورية على ارفع المستويات كانت تشدد بإصرار على مخاطر هذا الأمر. لكنني لا أزال ادافع عن أهمية وحياتيه الصداقة الاستراتيجية بين الشعوب. وهذا هو المفهوم عينه الذي وجهني إلى اليونان. فتطوير علاقات الصداقة القيمة مع الشعب اليوناني، و إن لم يكن مع الدولة اليونانية، كان نقطة أخرى تثير اهتمامي. فتواصل المتبادل مع ثقافتهم الكلاسيكية وتاريخهم المأساوي كان مهماَ للغاية. وضرورة الصداقة معهم كانت تفرض ذاتها بكل عتاد. كان الطريق الثاني للخروج يتمثل في بلوغ جبال كردستان. فمنذ نعومة اظافري كانوا يلقبوني بـ çolê Dînê أي مجنون البراري والجبال. ولكن حسابي لمؤثرين اثنين، كان يجعلني أرجى هذا الدرب إلى المرتبة الثانية. فالمنطقة التي سأكون فيها في الجبال، أي داخل الوطن، كانت ستتعرض لأشد الغارات والقصف كأمر لا مفر منه، مما كان سيلحق اضرارا جسيمة بالشعب والرفاق. بالإضافة إلى عامل ضيق نطاق العلاقات هناك. ولدى وضع كل ذلك في الحسبان فسيلاحظ أنه كان يعني التركيز بالضرورة على السبل العسكرية فحسب والانزلاق فيها كياً. ومن جانب آخر، كان افتقار الشبيبة للتعبئة والتوعية بشكل لا يصدق، وضرورة تدريبي وإعدادي لها بكل تأكيد يصدني عن أتوجه إلى الجبال. باختصار، فإن مزاعم العديد من الأوساط الرسمية وغير رسمية في تركيا، والتي تقول: “إننا حاصرناهم، انظروا كيف حققنا النتائج، لا تعكس الحقيقة كثيراً. بيد أن كل المحاولات الحثيثة التي لا تزال قائمة في سياسة التقضييق عل كل من إيران والعراق،

قد أدت إلى بروز عقيدةٍ عمياء ثابتة، بدلاً من إعطاء النتيجة المتوخاة. في حين أن العلاقات التكتيكية التي أبرمتها تركيا مع سوريا وإيران، حبلى بنتائج لا يمكن التكهن بها منذ الآن. ولكن، يمكن القول: إن هذه العلاقات تعتبر وسيلة لسياسةٍ تحتضن في ثناياها الكثير من الأمور. ولدى الحسم بأمر الثنائية: “إما العلاقة مع أمريكا – الاتحاد الأوروبي – إسرائيل، أو مع إيران – روسيا الصين؛ ترى، هل حكومات الجمهورية التركية مستعدة لتحمل كل النتائج الناجمة عن ذلك؟! لا شك في أن الدروس التي استخلصتها من مغامرتي التي شعتها خلال الأشهر الثلاثة على خط أثينا – موسكو – روما، ذات قيمةٍ تاريخية ثمينة. فقدرتي على التعرف على الحداثة الرأسمالية، التي تشكل المصطلح الأساسي في مرافعتي هذه، والمتوارية خلف ألف درع وقناع؛ مرتبطة مباشرة بمغامرتي تلك. فلولا هذه المجازفة، دعك من صياغتي لهذه التحليلات، بل إما كنت سأستمر وأتعلق بدولتية قومية مشحونة بالثومية البدائية الكلاسيكية، أو كنت سأنهي مصيري كحركة يسارية كلاسيكية، مثلما حصل في مئات الأمثلة المعاشة حتى لدى مؤسسي الدول. إني أضع نصب عيني عدم التحدث بشكل حاسم كمبدأ أساسي لعلم الاجتماع. ولكن، لدي حدس قوي بأني لن أستطيع الوصول إلى قوة الحل التي امتلكها الآن. بالنسبة لي، جلي تماماً أن القوة الحقيقية والأصلية للحداثة الرأسمالية لا تتبع من مالها أو سلاحها، بل من قدرتها على خنق كافة اليوتوبيات – بماقيها يوتوبيا الاشتراكية الأخيرة والأقوى – وكتم أنفاسها ضمن ليبراليتها المتنكرة بألبسة متغايرة الأولوان بما يفوق قوى أمهر ساحر. أود الوصول إلى القول بأني لن أستطيع تحليل مصيري بشكل سليم، ما لم أحلل الحداثة الرأسمالية، أي، النظام الساحر المتستر وراء تلك السيدة ذات السبعين من العمر، ممثلة المفوضية الأوروبية التي تفضلت بي سجن إمرالي. فمرحلة المؤامرة قد ادركت من بدايتها إلى نهايتها على يد كل من إسرائيل وأمريكا والاتحاد الأوروبي بمعية روسيا الاتحادية المنهارة. في حين أن دور الحكومات السورية واليونانية والتركية في المؤامرة، لا يذهب أبعد من الخدمات البيروقراطية في المرتبة الثانية. لقد ذكرت في فترة التحقيق أنه لا معنى للفرح باعتقالي. قلت ذلك علناً للمسؤولين الأتراك، أي، لممثلي المؤسسات الأربع الأساسية: استخبارات هيئة الأركان العامة، منظمة الاستخبارات القومية MIT، مديرية الأمن العم، والمخابرات العسكرية (مخابرات الجندرمة). فاستغلال علاقات الصداقة باتباع أسلوب منحط وغدار وجائر، وتهجمهم علي بعد رميي في الطائرة بمؤامرة فريدة من نوعها، ليس بطراز شهم في الحرب. حتى هذه الحقيقة تعتبر مثالاً ضارباً للنظر، في الإشارة إلى ماهية الحداثة الرأسمالية وليبراليتها، والتي تعد شكل هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية. إنها النظام الذي لا يعرف حدوداً للقمع والاستغلال.

المقالات الأكثر قراءة

تحقق أيضا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى