إسمي الثلاثي عبد القادر جيشي ياسين, إسمي الحركي علي شدادي. أنا من العريشة من مواليد 2000. قبل الأحداث كنا عائلة بسيطة ومكون من تسعة شباب وبنتين, أنا الإبن الرابع في العائلة. كنا ندرس في ذالك الوقت ولكن لم تكن الحياة مثل الأن بل كان الوضع الحياتي مختلفاً تماماً و حقوقنا ضائعة. على سبيل المثال كان يقال في وقتها الجمهورية العربية السورية ولم يسمح لنا أن ندرس اللغات الأخرى إلا اللغة العربية. وعندما يتحدث أحد باللغة الكردية أو يعترف بهويته كاكردي أويسمع شياً عنها يختفي من الوجود. رغما صغري السن إلى جانب الدراسة كنا نقوم بالأعمال الزراعية لكي نعيش ونعاون العائلة أيضاً. درست حتى التاسعة وتركت الدراسة بسبب الأحداث التي حصلت في سورية وبأثناء دخول مجموعات المتطرفة الإسلامية كأمثال جبهة النصرة وداعش, مثل القصف العشوائي على المدن والقرى وإستمرت خلال ست سنوات. لم نذق طعم الحياة ولا نعلم بأننا أحياء أو مييتين لم يكن هناك شيءٌ أسمه الحياة وضاع مستقبلنا خلال هذه السنين. وعندما دخلوا الرفاق إلى منطقة الشدادي تعرفت عليهم في هذه الفترة وكنت أقوم بزيارتهم وأخذ لهم الطعام في كل حين, وكلما كنت أود التعرف عليهم أكثر كانوا يمنعونني من زيارتهم لكي لا يصيبني مكروه بسبب القصف العشوائي لداعش وإستمرت زيارتي لهم فترة طويلة وتعلقت بهم. وبعد مرور سنة إنضممت للحركة الحرية.
كان القائد عبدالله أوجلان مجلس الحديث للرفاق, كلما أسمع عن القائد أتشوق أكثر لمعرفة المزيد. تزايدت التسألات في أفكاري وأصبحت أسأل نفسي “من هذا القائد ولماذا يفتدون بأرواحهم لأجله”. عندها أصبح عندي ردُ فعلٍ فضولي لكي أعرف أكثر عن الرفاق وحقيقة القائد عبدالله أوجلان. صحيح كانت حقوقنا ضائعة خلال هذه السنين ولكن لم يكن يمنعني هذا عن فضولي لكي أتعرف على حياة الرفاق والقائد عبدالله أوجلان ويدوم حديث الرفاق عن روح الرفاقية وحقوق المرأة أيضاً كونها تمثل المجتمع وأن حقوقها ضائعة ويجب أن يكون لها وجودها في المجتمع. نحن كطبيعة مجتمعنا العربي ينكرون حقوق المرأة بتاً ويعتبرون هذا من العادات والتقاليد وتجرودها من حقوقها الإنسانية كحرية الرئي والتعبير والإدارة والإعتبار والمرأة في نظرهم كجارية أوعبدة.
وعندما إنضممت لحركة الحرية تغيرت نظرتي للحياة تماماً. أحسست بأن الحياة كانت مطوية بوجهي وتفتحت خطوى بخطوى مثل إبتداء الطبيعة لأنني وجدت عند الرفاق روح الرفاقية, الإنسانية وحقوق المرأة وأن الحياة لها نموذج. حتى أنهم يعشقون الحياة والطبيعة ويخاطرون بأرواحهم وبأغلى ما لديهم من أجل تحرير الوطن والإنسانية من الإحتلال الذي مارس الظلم والعبودية على المجتمع. ويمكن وجود أناس يعيشون تحت الظلم, العبودية وحقوقهم ضائعة حتى الأن. ولكن نستطيع القول بأن في يومنا هذا يوجد تغيير في الحياة مثل حقوق المرأة والإنسانية وستكون الأيام الأتية للأحسن الشيء الذي لفت نظري وإهتمامي وتفاجئت به هو وجود رفيقات بين صفوف النضال يقاتلن في الجبهات ويخوضون المعارك أيضاً. صراحاً كانت الرفيقات يقاتلنا في الجبهات أنسب من الرفاق الشباب, قلت في نفسي يا ترى إن كانت الرفيقات يقاتلن في الجبهات والمعارك, لماذا نحن نائمين حتى الأن ولا ندافع عن أرضنا وعرضنا وأصبحت عندي ردةُ فعل أكثر ولهذا السبب إنضممت لحركة الحرية.
إنضممتُ لحركة الحرية في عام 2017 وذهبت للتدريب الفكري والعسكري والذي إستمر خلال 45 يوماً. كانوا الرفاق يداً واحدة ويساعدون بعضهم البعض في كل شيء إلى جانب تدريب السلاح الثقيل وبعد تخريج الدورة التدريبية ذهبت إلى البيت وبقيت حوالي عشر أيام وبعد رجوعي قال الرفاق عندكم حملة على منطقة الرقة ويجب أن تحرروها من الدواعش. وتفاجئت عندما قالوا هو تدريب عسكري وأنت صغير العمر ولن تستطيع القتال, هناك إنزعجت لما قالوا لي وأصررت على ذهابي معهم عدة مرات وأخيراً وافقوا على ذهابي. أولاً ذهبنا للتدريب العسكري خلال 45 يوم وأصبحت أعرف بأن هناك حياة ستتغير للأحسن. وبعدها إنضممنا لحملة الرقة في عام 2018, أول حملة كانت صعبة كثيراً, كانوا الدواعش محاصرون كل مكان, يقذفوننا بالقذائف, أر بي جي والقناصات. كان عددنا ستة عشر وقسمنا إلى فريقين, كنا نريد قطع الشارع وضربنا بالقناصات وإستشهد بالحملة بعض الرفاق. كانت الظروف صعبة جداً من ناحية وصولنا للدعم اللوجستيكي. خاطر الرفاق وإفتدوا بحياتهم لتحرير شعبهم من العبودية ولم يرضوا بالإستسلام حتى رمقي دمٍ في عروقهم وإستشهدوا فداءً للحرية.
الرفيق عكيد واحد من الثمانية الذين إستشهدوا كان وحيدٌ في عائلته من الشباب ولديه أربع أخوات. والد الشهيد عكيد أيضاً كان عسكرياً وبسبب خروج رأسه من النافذة للإستكشاف أصابه القناص برأسه وإستشهد أيضاً مع الرفاق بالحملة.
إستهدف الدواعش أربع من الرفاق وقطعوا رؤوسهم ووضعوها بالشارع أمام القناص لإستهداف الرفاق الآخرين مباشرة. إنتظرنا حتى المساء وحملنا رفاقنا المستشهدين بسيارة النقل الخاصة بالجبهة )الهمر) وخرجنا من الرقة مباشرة. كان عدد الرفاق المستشهدين بالحملة الأولى خمسة رفاق مع الرفيق عكيد. وفي الحملة الثانية بقينا خمسة عشر يوماً وعدنا إلى المركز )الطابور) وأخذنا إجازة أسبوع.
بعد تحرير منطقة الرقة من الدواعش تجهزنا لمشاركة بحملة دير الزور. شاركت في كثير من المناطق بدير الزور مثل أبو فاس, جياد أو عناد, أبو حمام, هجين, وثبتنا بكل النقاط وأخرجناهم من أراضينا. كانت تهاجمنا قوات الدواعش بكل قوتها ولكنهم لم يقدرو ولم يقوو بأن يقفوا ويقاوموا أمام إرادة الرفاق. حررنا دير الزور والمناطق التي ما حولها مثل مركدا, الصور, ديبان, أبو حمام, البحراة, هاجين, حقل العمر وحقل التنك بإرادة الرفاق القوية وأنقذنا الشعب من السلطة والعبودية في تلك المناطق التي كانت تحت يد الدواعش الظالمة ورغم كل الهجمات إستطعنا أن نخرجهم من أراضينا حتى وصلنا إلى المنطقة التي بين الباغوز و الموحسن وشنوا علينا هجمات من الدواعش وأخرجناهم مرة ثانية ووصلنا إلى المخيم في أخر يوم من الحملة. شارك كثير من الرفاق والرفيقات في شمال وشرق سورية بالحملة, منهم من كان على السلاح الثقيل ومنهم من كان مشات في صفوف الأمامية )الصادرية) ويقاتل بكل جسارة, أما تنظيم داعش كانوا يخافون ويهربون, منهم من كان قد إستسلم ومنهم من إنتحر ولم يستطيعوا أن يحاربوا أمام الرفاق. وفي صباح يومٍ باكر كانوا ينادون بالله أكبر ومجهزين أنفسهم على حملة كبيرة علينا ولكننا كنا أخذينا إحتياطتنا. أصبح الجو شديد الضباب وهم يفكرون أننا نخاف وسنضعف في الضباب وسيستطيعون أن يهاجموننا بكل سهولة. كانت الهجمات حوالي الساعة الرابعة مساءً والقصف بال أر بي جي. المكان الذي كنا فيه بناية من ثلاث طوابق وكان عددنا ثمانية رفاق. إستشهد أربع رفاق وبقين أربعة. كانوا يقولون سلموا أنفسكم لن نتكلم معكم وسنعطيكم ما تشاؤن ومن ثم يضحكون علينا ولكننا قاومنا وحتى إستشهد بعض الرفاق وخاطروا بحياتهم لكي لا يكونوا ضحية. يقولون لنا بأنهم إستطاعوا أن يخدعوا رفاقنا وأمسكوا بهم, ولكنهم لم ينخدعوا بل خاطروا بحياتهم فداءً للوطن والحرية وأصبحوا في مرتبة الشهادة.
وأيضاً أصيب ثلاث رفاق وبقيت لوحدي في بناية ثلاث طوابق, كانوا يقصفون بالقذائف الأربي جي ويقولون لي إستسلم, لن نتكلم معك, لن نأذيك. كانوا يتحدثون مع بعضهم بالقول: لا تقتله يريده أمير داعش حياً وبعدما حل المساء في أثناء الساعة السابعة قال واحد منهم أنهوا عليه ولا نستطيع الإنتظار ويجب أن نفجر المبنى ويقول الثاني أنت لا تفهم يقول الأمير بأنه يريده حياً وأنت تريد تفجير المبنى وبعدها لم أسمع شياً غير سماع صوت طلاقات الرصاصات خلال ربع ساعة تقريباً. وإلا أن إنفجر المبنى بنا وإستشهد خمس رفاق وأصبت أنا ورفيقين.
بعدما أصبتوا أحسست وكأنما ظهري قد إنكسر ولا أستطيع أن أمشي, كان متواجد لدي هاتف صغير وتواصلت به مع رفاقي. كانت المسافة بيننا وبين رفاقي ما يقارب 25 أو 30 متراً ولم يكن بمقدورهم المجيء إلينا لانقاذنا لأن تنظيم داعش كانوا يستهدفوننا بالقناص ورغما هذا جاء الدعم من الرفاق وأخرجونا من المبنى. كنت بوعيي حينما ذهبوا بي إلى المشفى الشدادي والحسكة, كنت بوعيي ولكنني لم أكن أرى شيء خلال مدة 25 يوماً كنت أسمع أصوات الرفاق وأتذكرهم ولكنني لم أكن أستطيع أن أراهم, قد كنت متعباً نفسياً من خلال الإصابة ولكنني أنا الأن بخير وأتلقى العلاج المناسب في مؤوسسة الجرحى. تلقيت عملية جراحية مباشرة في مشفى العسكري في الحسكة وبعد شهرين خضعت لعملية ثانية في المشفى العسكري في القامشلو وأيضا بعد فترة ست أشهر تلقيت العلاج في الشام ورجعت إلى هنا وتلقيت العلاج الفيزيائي خلال فترة قصيرة وبعدها ذهبت إلى ديريك لكي يفحصني الدكتور البريطاني والأن أتلقى العلاج الفيزيائي في منطقة الشدادي وهو مستمر الأن.
عندما كنت في المشفى زاروني عائلتي وأصبح عندهم ردةُ فعلٍ تجاه اصابتي , قالوا لي هذا الذي كنت تريده. هو قدرك ويجب أن ترضى به. صراحاً كل عائلةٍ تخاف على أولادها. كنت متأثراً بإصابتي لأنني لم أكن أعلم معنى الاصابة ولماذا أُصبت والأن أنا فخورٌ جداً بهذه الإصابة وليست بالكثير أمام المقاومات ونضال رفاقنا الذين يفدونا بأرواحهم بالجبال في سبيل الحرية والإنسانية وأوجه تحياتي وسلامي إلى جميع رفاقنا المناضلين والمقاومين.
بعد المعالجة إنضممت إلى دورة تدريبية إيدولوجية في أكاديمية الشهيد دشتي بالرقة التابعة لمؤوسسات الجرحى, في وقتها كانت نفسيتي متعبة كثيراً وصراحاً كنت يائساً من الحياة. وبهذا التدريب تغيرت نفسيتي وشخصيتي أيضاً للأحسن, على سبيل المثال كنت أرى بأن الرفاق رغما أنهم جرحى ولكن لا يكون هذا عائق لإصابتهم, يساعدون أنفسهم ويساعدون بعضهم بروح رفاقية معنوياتهم عالية كثيراً ويعطون أهمية كبيرة للحياة. أصبح لدي معنويات عالية وردة فعلٍ قوية وقلت في نفسي يجب أن أغير حياتي للأفضل صحيح أنني مصاب ولكن هذه الإصابة ليست عائقٌ أمامي ويجب علي أن أكمل هذا الطريق وأناضل من أجل الحرية ولكي لا يذهب تعبي سدى بعد الإصابة. وسنكمل هذا الطريق حتى للنهاية ولأجله سنخاطر بأي شيءٍ كان لأجل السلامة وحرية بلادنا.
بصراحة عندما قرأت كتب القائد عبدالله أوجلان رأيت فيها الأفكار الإيجابية وكأننا لم نكن نعيش في هذه الحياة أبداً, توسعت أفكاري لما قرأته في كتب القائد عبدالله أوجلان وتغيرت نظرتي كلياً في الحياة كمثل وجود حقوق المرأة وأن لها رأيها وحياتها. صراحةً حياة المرأة أكثر صعوبة من حياة الرجل. نحن في هذا المجتمع لدينا حياة معدومة خاصة من ناحية المرأة, ننكر هذا الشيء بتاتاً ودورها في المجتمع وأتعابها تذهب مثل هباءً منثورا. وبعد قرأتي لكتب القائد عبدالله أوجلان أصبحت عندي ردود فعلٍ قوية بأن المرأة أيضاً مخلوقٌ إنساني. يجب عليها التعبير عن رأيها لأن مجتمعنا لايسمع شياً يتعلق في أمور المرأة. ونتمنى بأن تصبح تطورات أكثر وأكثر وأكثر. هناك كثير من الناس حتى الأن التخلف في جذورها ولايسمعون لأراء المرأة ولا حتى لمعاناتها . أما كتب القائد أعطتنا معناً للحياة وما معنى حرية المرأة وإطلاعها على المجتمع والإنسانية. أوجه رسالتي وسلامي بإسمي وإسم جرحى الحرب, قدمنا وسنقدم مرة أخرى وسوف نقاوم ونناضل في سبيل الحرية والعيش بكرامة بفكر قائدنا عبدالله اوجلان