أخبارالمزيدمقالات

لمهام التي تستلزم انتباه المرأة والرجل لتطبيق الحياة الندية الحرة

لفت القائد عبد الله أوجلان لعدة أمور مهمة تستلزمُ انتباهَ المرأةِ والرجلِ أثناء تطبيق الحياةِ الندّيةِ الحرة، واستخلصها بعدة بنود من ضمنها "ضرورة المرأة لتُطَوِّرَ نمطَ حِراكِها قبل البدءِ بزواجِ الشراكة، وعلى الرجل أنْ يدركَ أنه مُعَرَّضٌ لتأثيرِ مؤسسةِ العبوديةِ بقدرِ المرأةِ على الأقل".

في القسم الأول من تقييمات القائد عبد الله أوجلان المستخلصة من المجلد الخامس لـ”مانيفستو الحضارة الديمقراطية” المعنون باسم “القضية الكردية وحل الأمة الديمقراطية” الحياة الندية الحرة سلط الضوء على الأزمات التي خلقتها الجنسوية الاجتماعية المسخّرة للتملك وسبل تحقيقها. واستكمالاً لهذا الجزء، يركز القائد عبد الله أوجلان في الجزء الثاني على المهام التي تلزم المرأة والرجل التحلي بها لتطبيق الحياة الندية، وهذا جزء من التقييمات: ثمة أمورٌ مهمةٌ تستلزمُ انتباهَ المرأةِ والرجلِ أثناء ممارسةِ الحياةِ الندّيةِ الحرة. فبالنسبةِ إلى المرأةِ التي تحظى بفرصةِ الحياةِ الحرةِ أو تَرومُها، يُمكننا ترتيبُ ما ينبغي فِعلُه كالتالي: a- على المرأةِ أنْ تَعرفَ سَلفاً أنّ شروعَها بمُشاركةِ الرجلِ في ممارسةِ الجنسِ ليس محدوداً بالإشباعِ البيولوجيِّ المحض. بل ستَكُونُ حينئذٍ وجهاً لوجهٍ أمامَ براثنِ القوةِ والسلطة. حيث يُعادِلُ وضعُها هذا النومَ مع النمرِ في قفصِه. وبالأخصِّ أنّ حالةَ الرجلِ الشبيهةَ بحالةِ النَّمِرُ المحبوس الذي يعاني الجوعَ والأَسْر، قد تُفسِحُ الطريق أمام إنزالِ الرجلِ ضرباتٍ مميتةً عليها بمخالبِه. لذا، على المرأةِ الإدراك جيداً أنّها بعدَ دخولِ القفصِ بعلاقةِ الزواجِ الكلاسيكية، لن تَقدِرَ على الخروجِ منه سليمةً بهذه السهولة. بل وستَدفعُ ثمنَ دخولِها القفص، إما بحياتِها أو بتَحَوُّلِها إلى أنثى النَّمِرِ المستسلمةِ كلياً. ونمطُ أنثى النَّمِرِ يُمَثِّلُ المرأةَ المُستَرجِلة. وهي قبيحةٌ ومُقرِفة. هذا وتؤدي ممارسةُ الجنسِ بين الرجلِ المتحكمِ والمرأةِ المسترجلةِ المستسلمةِ دوراً رئيساً في بروزِ ورسوخِ هذه الشناعةِ البغيضة. عندما يتباهى الرجالُ بيَومِ “إفساد” عذريةِ المرأة، فإنّ الدافعَ وراء ذلك ليس غريزةَ إشباعِ الذات (كظاهرة بيولوجية). بل يَعُودُ ذلك إلى نصيبِ هذه العلاقةِ من تَشَكُّلِ ثنائيةِ السلطة–العبد. إذن، فـ”الإفسادُ” هو بدايةُ الحُكمِ على المرأةِ بعبوديةٍ أبدية. تُمَهِّدُ السلطةُ الطريقَ لبروزِ عاطفةِ السيادة، ما مفادُه إثباتَ الرجلِ لرجولتِه. ثم يُطَبَّقُ هذا الأسلوبُ على الشبانِ اليافعين أيضاً. هكذا تُطَبَّقُ مؤسسةُ العبوديةِ على كِلا الجنسَين. إنّ عدمَ انسياقِ المرأةِ وراءِ العلاقةِ الجنسيةِ بقدرِ الرجل، يُعزى إلى مؤسسةِ العبودية. والممارسةُ الجنسيةُ التي أَكثَرَت الحداثةُ الرأسماليةُ منها بما لا حَصر له، هي وسيلةُ العبوديةِ الأوسع نطاقاً مما فُرِضَ على النوع البشريّ. وهي تَؤولُ إلى فرصٍ لا محدودةٍ من السلطةِ والاستغلال. من هنا، فتشكيكُ أغلبِ الأديانِ بهذه العلاقةِ هو أمرٌ ذو معنى، وله روابطُه مع إفساحِها المجالَ أمام الانحطاطِ والتدنّي والقُبحِ والخروجِ عن الحقيقة. b- على المرأةِ أنْ تُطَوِّرَ نمطَ حراكِها قبل البدءِ بزواجِ الشراكة، مُدرِكةً تماماً أنّ الرجلَ الذي يقفُ بالمقابلِ منها في جميعِ ميادينِ مجتمعِ الحاكميةِ الذكورية سيتحركُ كالنَّمِر المتأهب للانقضاضِ على فريستِه في كلِّ لحظة. فعندما تَسنَحُ الفرصةُ للرجلِ النَّمِر، أي عندما يتغلبُ على العوائقِ الاجتماعيةِ المنتصبةِ أمامه في هذا السياق؛ فسيَنقضُّ بأنيابِه على المرأةِ بكلِّ تأكيد. حيث سيَوَدُّ الرجلُ السلطويُّ اصطيادَ المرأةِ في هذه اللحظة، دون أنْ يَأبَهَ بأيِّ معيارٍ أخلاقيٍّ أو رادعٍ وجدانيّ. ولن يَصُدَّه عن ذلك السِّتارُ الدينيُّ ولا القانون. لذا، على المرأةِ أنْ تَعلَمَ بهذا الوضعِ قبل أنْ تَخرجَ إلى المَسرحِ الاجتماعيّ. أو بالأحرى، عليها ألا تَظهرَ على الساحاتِ الاجتماعيةِ غيرِ المُسعِدة، ما لَم تتسلحْ بدفاعٍ ذاتيٍّ مضمونٍ وآمِن. c- عليها الاستيعاب بأحسنِ حالٍ أنّ هدفَ الحداثةِ الرأسماليةِ الأساسيَّ مُعَبَّأٌ بمساعي تصيير المرأةِ عبداً عصرياً، سواء بالأساليبِ القاسيةِ المُعَبِّرةِ عن قوةِ المالِ والسلطةِ بشكلٍ خاص، أم بالأساليبِ المَرِنةِ التي تَعكِسُ قوةَ الفنونِ وعلى رأسِها الآداب. أي أنّ الحداثةَ بمثابةِ قوةٍ هجوميةٍ مُسَلَّطةٍ على المرأةِ بدرجةٍ تُضاهي ما هو عليه رَجُلُ المجتمعاتِ القديمةِ أضعافاً مضاعفة، سواء بأساليبِ المالِ والسلطة، أم بوعودِ العشقِ التي لا تنتهي. لا يَذهبُ بحثُ المرأةِ عن الحياةِ الحرةِ في معناه أبعدَ من كونِه وَهماً أجوفاً مقابلَ قوةِ الرجلِ الحاكمِ المُرَوِّعة بشأنِ المالِ والعشق.

لن تتخلصَ المرأةُ من تَكَبُّدِ الهزيمةِ تجاه الرَجُلِ في ظلِّ الحداثةِ القائمة، مهما أَبدَت مواقفَها بكلِّ صفائِها وحُسنِ نواياها وحركاتِها الجميلة، ومهما تلَهَّفَت لحياةِ الشراكةِ الندّيةِ الحرة. أي أنّ كلَّ الطُّرُقِ ستؤدي إلى عبوديةِ المرأةِ العصرية. d-ولَئِنْ كانت المرأةُ مُصِرّةً على البقاءِ حرةً رغمَ وطأةِ المجتمعِ الذكوريِّ الحاكمِ هذا، فعليها عندئذٍ أنْ تتَحَمَّلَ الوحدةَ الكُبرى والانزواءَ الأقصى، أو أنْ تحتمل مَشَقّاتٍ نضاليةً مليئةً بالكفاحِ الاشتراكيِّ الدؤوبِ في كلِّ لحظةٍ من لحظاتِه. تَسري الوحدةُ على الحالاتِ النادرة، فيما تَقتضي الحياةُ الاشتراكيةُ حياةً أنثويةً مقدسةً نظيرةً لثقافةِ الإلهةِ الأنثى القديمة. هذا ويجب وضعُ إحدى مزايا الإلهاتِ نُصبَ العَين. ألا وهي عدمُ زواجِهن من الرجالِ البشر. في حين أنّ التاريخَ يُخبِرُنا أنه عندما صارَ الرجلُ إلهاً، لَم يَعُدْ للإلهةِ الأنثى أَثَرٌ ملحوظ. بالتالي، لَم يَبقَ ثمة خيارٌ سوى التحولُ إلى مَلاكٍ أنثى. لكنّ المَلاكَ الأنثى تُمَثِّلُ نوعاً ما المرأةَ الخائرةَ التي فَقَدَت قوتَها الجنسية. وامرأةٌ كهذه لا يَذهبُ دورُها في المجتمعِ أَبعدَ من أداءِ دورِ الرسول. أما تصويرا إينانا وأفروديت في الميثولوجيا، فيُشيران إلى رمزَي امرأتَين مختلفتَين. حيث يُمَثِّلان المرأةَ التي لَم تَخسَرْ بَعدُ جمالَها وجاذبيتَها الجنسيةَ وقوتَها الجسدية. إنّ العنصرَ الذي تَبحثُ عنه إينانا–أفروديت كإلهةِ العشقِ من أجلِ حياةِ الشراكة، هو العنصرُ الخَليقُ بمشاركتِه إياها الحياةَ الندّيةَ الحرة. ينبغي الإدراك جيداً أنّ عنصراً كهذا غالباً ما يَكُونُ رجلاً شِبهَ إلهٍ –لا غير– مثلما بروماتوس. يُمكِنُ تصويرُ هذا العنصر، أو حتى الرجلِ بالأغلب، كمجردِ شكلٍ رمزيّ؛ سواء تاريخياً أم في وقتِنا الراهن. وتَجسيدُه عَينياً أمرٌ واردٌ لدى خوضِ صراعٍ خارق. حيث محالٌ تحقيقُه، من دونِ إلحاقِ الهزيمةِ بآلهةِ الحداثةِ الرأسماليةِ غيرِ المُقَنَّعةِ والمُعَبَّأة بقواها المُهيبة. أي أنه تجسيدٌ ليس بالمستحيل، ولكنّه عسير. وأنْ تَكُونَ اشتراكياً أمرٌ واردٌ نوعاً ما من خلال تجسيدِ رمزِ إينانا–أفروديت ورمزِ بروماتوس.
07:45

المقالات الأكثر قراءة

تحقق أيضا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى